تحليل الأسواق
4 يوليو 2024
على الرغم من أن متداولي عقود الفروقات يميلون إلى التعامل مع تحركات السوق القصيرة، إلا أن فهم الاتجاهات طويلة المدى لا يزال مهمًا لأي شخص نشط في الأسواق المالية. يعد عام 2024 عامًا انتخابيًا رئيسيًا في جميع أنحاء العالم، حيث يشهد كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة الانتخابات في أرجاء البلاد. لذلك يمكن للمتداولين النظر إلى الانتخابات الماضية للحصول على فكرة عن كيف كان أداء الأسواق في ذلك العام، ولكن من المهم أن نتذكر، خاصة بالنسبة للانتخابات القديمة، أن العوامل الأساسية المؤثرة فيها قد تغيرت إلى حد كبير.
منذ عام 1987، أجريت عشرة انتخابات عامة في المملكة المتحدة. وفي تلك الفترة، تغيرت البلاد بشكل كبير من حيث الاقتصاد والسكان والعمر والوضع السياسي، مما يجعل من الصعب إجراء مقارنات عبر فترات زمنية قديمة. لهذا السبب، عند النظر إلى أداء الانتخابات الماضية عبر الزمان، فمن الأفضل أن ننظر للانتخابات القريبة قدر الإمكان. تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى وجود أغلبية كبيرة لحزب العمال. ومن حيث حصة الأصوات، فإن الانتخابات السابقة الأكثر قابلية للمقارنة هي الفوز الساحق لحزب العمال في عام 1997، عندما وصل توني بلير إلى السلطة بعد ما يقرب من عشرين عاما من حكم المحافظين. ففي عام 1997، ارتفعت أسواق الأوراق المالية في الأشهر الستة التي سبقت الانتخابات، ولم تتحرك إلا بالكاد في اليوم التالي، وكان أداؤها قويًا طيلة بقية العام. ولكن هل يمكن لمتداولي عقود الفروقات أن يتوقعوا نفس السيناريو هذه المرة؟
الاختلافات بين عامي 1997 و2024 صارخة. ففي عام 1997، تمتع الاقتصاد البريطاني بفترة متعددة السنوات من النمو الكبير في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومكاسب إنتاجية قوية، وحافظ على ميزان تجاري إيجابي. كما قد ارتفع مؤشر فوتسي 100 بأكثر من 120% عن أدنى مستوياته في فترة الركود في عام 1990، وكان عجز موازنة العامة للمملكة المتحدة يتراجع عن أعلى مستوياته في التسعينيات، ولا يزال يستفيد من فترة الفائض الطويلة في الثمانينيات. كما شكلت حينها المملكة المتحدة جزءًا من الاتحاد الأوروبي، وكان يصل إليها تقريبًا عدد مماثل من الأشخاص الذين يغادرون البلاد كل عام. كل هذا سمح لبلير بالاستمرار في الحكم على أساس ليبرالي اقتصادي مؤيدًا للأعمال التجارية على نطاق واسع، في حين استمر في زيادة الإنفاق على الخدمات الاجتماعية.
حاليًا، سجلت المملكة المتحدة مستويات قياسية من الدين الوطني، وأصبح الإنفاق الحكومي أعلى بكثير من أي وقت مضى من فترة التسعينيات، ويتجاوز العجز التجاري 4 مليارات جنيه إسترليني. وانخفضت حصة التصنيع في الناتج المحلي من حوالي 15% إلى ما يزيد قليلاً عن 8%. كما انفصلت المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، وشهدت منذ عام 2019 أعلى مستويات الهجرة في تاريخها، معظمها من خارج الاتحاد الأوروبي. ومقارنة بانتخابات عام 1997، فلا يوجد مجال كبير لزيادة الإنفاق الحكومي والبرامج الاجتماعية التي ميزت حزب العمال بقيادة بلير. وبالتالي فإن هذه الاتجاهات الأساسية طويلة المدى تعتبر سلبية للأسواق، وسوف تؤدي إلى تحديات كبيرة أمام الحكومة الجديدة. ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين أن الأسهم البريطانية مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية، مما يجعل تأثير فوز حزب العمال على السوق غير واضحُا.
انتصار واحد فقط من أصل ستة انتصارات لحزب العمال في الانتخابات من عام 1945 إلى عام 1997 شهد تغيرًا إيجابيًا في الأسواق البريطانية في اليوم التالي، مقارنة بسبعة انتصارات من أصل ثمانية لحزب المحافظين. وإذا تكرر هذا النمط، فيمكننا أن نتوقع أداءً ضعيفًا من أسواق الأسهم بعد النتيجة المحتملة، مع تقلبات صباح الجمعة. ولكن يمكن أن تكون الأصول الأخرى، مثل الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي، أكثر مرونة نظرًا لأن العملات تتأثر بشكل أكبر بالعوامل الأساسية مثل أسعار الفائدة.
إذا كان رد فعل السوق بالطريقة “المعتادة” تجاه فوز حزب العمال، فيمكن لمتداولي ADSS توقع تقلبات في الأصول، وخاصة الأسهم والمؤشرات، ولكن أسواق السندات والعملات ستكون الأكثر استقرارًا. ومن المعروف أنه لا يمكن التنبؤ برد فعل الجنيه الاسترليني في سنوات الانتخابات، لاختلاف نتائج الانتخابات بشكل واسع من انتخابات إلى أخرى، ولكن التحركات الكبيرة من المرجح أن تكون في أسواق الأسهم الأكثر تقلبًا.
ينطوي تداول الانتخابات على الكثير من عدم اليقين. وفي هذه الانتخابات العامة البريطانية، فإن النتيجة لا تخفى على أحد. فقد احتفظ حزب العمال بتقدم هائل في استطلاعات الرأي، ويتوقع الجميع أن يصبح كير ستارمر رئيساً للوزراء. لكن الأسواق قد تكون متقلبة، ولا أحد يعرف كيف ستكون ردة فعلها. قد تبدو المقارنة بين عامي 2024 و1997 منطقية من حيث استطلاعات الرأي، والظروف السياسية وراء التصويت، والنتيجة المحتملة، ولكن المملكة المتحدة اليوم دولة مختلفة تمامًا عما كانت عليه عندما تولى بلير السلطة. والاحتمال الآخر -وهو أن تتفاعل تلك الأسواق بشكل سلبي مكونة اتجاه طويل المدى- سيعني مستويات عالية من التقلبات بعد الانتخابات، وربما نهاية سيئة لهذا العام بالنسبة للأسهم البريطانية. الوقت وحده هو الذي سيحدد ذلك، ولكن مهما حدث، فقد يختار متداولو عقود الفروقات استكشاف فرص البيع والشراء في أسواق المملكة المتحدة.
كيف تؤثر الانتخابات البريطانية على الأسواق المالية؟
كان لانتخابات المملكة المتحدة تأثيرات متنوعة على الأسواق المالية. تاريخيًا، غالبًا ما أدت انتصارات المحافظين إلى تغييرات إيجابية في الأسواق البريطانية في اليوم التالي، وسوق أسهم أقوى طوال عام الانتخابات. أما رد فعل السوق على انتصارات حزب العمال تاريخيًا فكان أكثر سلبية. الاستثناء هو عام 1997، وهي انتخابات بها بعض أوجه التشابه مع عام 2024. في عام 1997، ارتفعت سوق الأسهم في الفترة التي سبقت الانتخابات لكنها ظلت مستقرة في اليوم التالي لفوز حزب العمال. ومع ذلك، فإن الاتجاهات طويلة المدى والظروف الاقتصادية الحالية تلعب أيضًا دورًا مهمًا في أداء السوق، وهناك اختلافات كبيرة بين بريطانيا في عام 1997 واليوم.
هل يمكن الاعتماد على سنوات الانتخابات الماضية للتنبؤ بأداء السوق في عام 2024؟
على الرغم من أن سنوات الانتخابات الماضية يمكن أن توفر رؤى ثاقبة، إلا أنها لا تستطيع التيقن من أداء السوق. فمن الصعب مقارنة الانتخابات على مر التاريخ بالانتخابات العامة لعام 2024، وذلك بسبب التغيرات الكبيرة في الظروف الاقتصادية والسياسية الأساسية. على سبيل المثال، تحول الاقتصاد والميزان التجاري والمشهد السياسي في المملكة المتحدة بشكل كبير منذ عام 1997، مما يجعل المقارنات المباشرة صعبة. لذلك يجب على المتداولين مراعاة هذه الاختلافات الأساسية عند تقييم ردود فعل السوق المحتملة.
ما هي الأصول الأكثر عرضة للتقلبات بعد الانتخابات؟
غالباً ما تكون الأصول – الأسهم والمؤشرات – أكثر عرضة للتقلب بعد الانتخابات. ويبدأ سوق الأسهم العمل يوم الجمعة الخامس من يوليو، ومنذ افتتاحه، سيقدر المتداولون على الحصول على فكرة جيدة عن رد فعل السوق. أما بالنسبة لأسواق العملات فتعمل على مدار 24 ساعة يوميًا، لذلك يمكن رؤية رد فعل الجنيه الاسترليني مباشرة مع ظهور النتائج. لا يمكن لأحد أن يتنبأ على وجه اليقين كيف سيكون رد فعل أي من السوقين، ولكن النظر إلى الانتخابات الماضية يعطي بعض الأدلة حول الأداء المحتمل هذه المرة.