تحليل الأسواق
28 يونيو 2024
مع اقتراب موعد الانتخابات العامة للمملكة المتحدة المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو، تشير معظم استطلاعات الرأي إلى فوز واضح لحزب العمال. وتتوقع استطلاعات الرأي الأخيرة كذلك نتيجة كارثية لحزب المحافظين الحاكم، حيث من المتوقع أن تكون هزيمتهم هي الأكبر والأكثر حسمًا لأي حزب منذ الثلاثينيات. وهو ما قد يعني أن الأسواق يجب أن تكون استعدت بالفعل وانعكست عليها هذه التوقعات. ومع ذلك، فليس هناك أي ضمانات، والأسواق الرئيسية مثل سوق الفوركس وتحديدًا زوج الجنيه الإسترليني/ الدولار الأمريكي، ومؤشر فوتسي 100، وGILT (سندات الحكومة البريطانية)، يمكن أن تشهد جميعها تقلبات متزايدة مع ظهور النتائج.
اتخذ رئيس الوزراء ريشي سوناك قرارًا مفاجئًا بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، وتراجعت أرقام استطلاعات الرأي للمحافظين بشكل مطرد بالإضافة للأرقام المنخفضة للحزب بالفعل من قبل حتى الإعلان. ومن بعد عودة زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة السابق نايجل فاراج، إلى حزب إصلاح المملكة المتحدة، خسر المحافظون قدرًا كبيرًا من أصواتهم الأساسية، وخسروا الناخبين من كل صوب – لصالح حزب العمال، والديمقراطيين الليبراليين الوسطي، وحزب الإصلاح اليميني. وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك وقت لتغيير هذا، وأن استطلاعات الرأي لا تضمن النتيجة، إلا أنه ليس هناك مجالًا للشك فيمن سيكون الفائز النهائي.
في النظام السياسي البريطاني، لا يوجد فرق حقيقي بين نجاح تحقق بالحصول على أغلبية 50 أو 150 مقعدًا، على الأقل من حيث أداء الحكومة. ولكن إذا كان أداء حزب المحافظين سيئًا كما هو متوقع حاليًا، فلن يمثل سوى معارضة صغيرة ومنقسمة أمام حكومة حزب العمال المقبلة. أما كيف ستتعامل الأسواق مع هذا الأمر ليس إلا مجرد تخمينًا. فمن ناحية، قد تمنح الأغلبية العظمى تفويضًا واضحًا وستسمح لحزب العمال بزعامة كير ستارمر بحكم البلاد بسهولة. ومن ناحية أخرى، قد يُنظَر إلى الافتقار إلى المعارضة الجديرة بالثقة باعتباره أمرًا سلبيًا، مع عجز بقية المحافظين عن تدقيق السياسة بشكل فعّال.
يتمتع حزب المحافظين تاريخياً بسُمعة قوية مؤيدة لقطاع الأعمال. وعادة ما يثق بهم الناخبون لإدارة الاقتصاد بشكل أفضل من حزب العمال، الذي يعتبر أقوى من حيث الضمان الاجتماعي، وخاصة فيما يتعلق بنظام الرعاية الصحية الحكومي. وهذا يعني أن أسواق الأسهم والجنيه الاسترليني استجابتهم كانت جيدة في بعض الأحيان لانتصارات حزب المحافظين. ولكن بعد فترة رئاسة الوزراء القصيرة والمضطربة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، اهتزت هذه السمعة، مع عمليات هبوط كبيرة في الأسواق الرئيسية.
لا يمكن لأحد أن يتنبأ بدقة برد فعل السوق على الانتخابات العامة للمملكة المتحدة، ولكن مع بدء ظهور النتائج في الرابع من يوليو، ستكون هناك بعض الإشارات المبكرة. فقد يلاحظ المتداولون الاستجابة الأولية في أسواق العملات، والتي قد تشهد تقلبات بعد مسح اقتراع الناخبين وأيضًا مع ظهور النتائج. ولكن من المستحيل أن نؤكد الاتجاه الذي ستذهب الأصول إليه. ففي الماضي، ارتفع الجنيه الاسترليني بعد انتصارات المحافظين، ولكن صورة رئيس حزب العمال كير ستارمر التي تعتبر معتدلة نسبيًا تهدئ الأسواق، كما أن النتيجة شبه المؤكدة تعني أن الكثير من النتائج قد انعكست على الأسواق بالفعل.
تعمل أسواق الفوركس على مدار 24 ساعة في اليوم، لذا فهي توفر المؤشر الأول للنتيجة. وبما أن الانتخابات البريطانية تجرى تقليديًا يوم الخميس، فسوف يحتاج المتداولون إلى الانتظار حتى صباح الجمعة لمعرفة رد فعل الأسهم البريطانية. قد يكون هناك بعض التقلبات عند الافتتاح، مما يخلق فرص بيع وشراء في كل من الأسهم البريطانية ومؤشر فوتسي 100. إذا كانت النتيجة أقرب مما كان متوقعًا، فقد تكون التقلبات أكثر حدة، ولكن لكي يحدث ذلك، يجب أن يكون هناك تغيير كبير في الأيام المقبلة.
بعد إعلان النتائج، سيقوم زعيم أي حزب يفوز بالأغلبية بزيارة الملك تشارلز ليتم تعيينه رسميًا رئيسًا للوزراء. وبعد ذلك مباشرة، سيعود إلى داونينج ستريت لتلقي الإحاطات والبدء في الحكم. وبما أن كل استطلاع للرأي يمنح حزب العمال أغلبية الأصوات، فلن تكون هناك ائتلافات ولا مفاوضات بين الأحزاب. وسيعلن رئيس الوزراء الجديد بعد ذلك عن حكومته الجديدة، ويخصص حقائب لوزراء مختارين من حزبه. وبعد ذلك سيكون التسليم الرسمي للسلطة كاملًا.
الانتخابات ينتج عنها تقلبات، خاصة عندما تكون النتيجة غير مؤكدة أو عندما يكون أداء الأحزاب المربكة قويًا. ومن غير المتوقع أن يحدث أي من هذين الأمرين في انتخابات المملكة المتحدة العامة لعام 2024. وهذا لا يعني أن الأسواق ستكون هادئة، بل يجب على المتداولين أن يكونوا مستعدين لمثل هذه التقلبات. فقد نشهد هبوطًا في الأسهم وفي زوج الجنيه الاسترليني/الدولار الأمريكي. ونظرًا لأن اليورو سيتأثر بشدة بالانتخابات الفرنسية المقبلة، فإن زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي يعد طريقة أبسط لقياس رد فعل السوق تجاه فوز حزب العمال المتوقع. وكما هو الحال دائمًا، يجب على المتداولين توخي الحذر فالأسواق متقلبة بطبيعتها، خاصة بعد الانتخابات. لذلك من الضروري أن يستعد أولئك الذين يتداولون في أسواق المملكة المتحدة جيدًا عبر خطة حكيمة لإدارة المخاطر، واستخدام وقف الخسائر.
كيف ستتأثر الأسواق بفوز حزب العمال؟
من الممكن أن تؤثر الانتخابات البريطانية القادمة بشكل كبير على الأسواق المالية، مما يؤدي إلى زيادة التقلبات في الأسهم والمؤشرات والسندات البريطانية والجنيه الاسترليني. تاريخيًا، أدت انتصارات حزب المحافظين في بعض الأحيان إلى ارتفاعات في الأسهم والجنيه الاسترليني، ولكن بالنظر إلى الاستطلاعات الحالية، فإن فوز حزب العمال أصبح شبه مؤكدًا. وليس من الواضح ما إذا كانت الأسواق سترحب بهذا التطور أم لا.
هل يمكن الاعتماد على استطلاعات الرأي في الانتخابات العامة البريطانية؟
تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى فوز واضح لحزب العمال وهزيمة كبيرة لحزب المحافظين الحاكم. وقد تكون النتيجة المتوقعة هي الهزيمة الأكثر حسمًا لأي حزب منذ عام 1931، عندما فاز حزب المحافظين بـ 470 مقعدًا كجزء من حكومة وحدة وطنية. ولكن على الرغم من أن استطلاعات الرأي توفر مؤشرًا مفيدًا، إلا أنه ليس ضمانًا لنتيجة الانتخابات الحقيقية. ومع ذلك، فهناك فرصة ضئيلة إلى معدومة لتفوق حزب آخر على حزب العمال في هذا الوقت القريب من الانتخابات.
كيف سيتأثر تداول انتخابات بريطانيا مباشرة بعد الانتخابات؟
مباشرة بعد الانتخابات، يمكن للمتداولين أن يتوقعوا رؤية ردود فعل السوق الأولية في أسواق العملات، مع تقلبات محتملة في أزواج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي واليورو/الجنيه الاسترليني. ومع إعلان النتائج، قد تكون هناك تحركات كبيرة في الأسهم البريطانية ومؤشر فوتسي 100 عند افتتاح التداول يوم الجمعة التالي للانتخابات.