تحليل الأسواق
24 يوليو 2024
في واحدة من أكثر الحملات الانتخابية الرئاسية دراماتيكية في الذاكرة الحية، أعلن الرئيس جو بايدن في الحادي والعشرين من يوليو انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية. ونحن نعلم الآن أن الانتخابات الأمريكية القادمة سوف تشهد ترشح نائبة الرئيس كامالا هاريس للانتخابات ضد الرئيس السابق دونالد ترامب. غالبًا ما تشهد الأسواق التقلبات في سنوات الانتخابات، ويمكننا أن نتوقع المزيد من التقلبات مع اقتراب موعد الانتخابات في الخامس من نوفمبر. وحتى الآن، بدت الأسواق متفائلة بحذر، دون صدمات تقلب كبرى على الرغم من الأحداث المثيرة للحملة.
شهدت حملة الانتخابات الأمريكية 2024 العديد من الأحداث التي لم تكن هادئة أبدًا. فأولاً، شهدت المناظرة الرئاسية في السابع والعشرين من يونيو معاناة الرئيس الحالي جو بايدن في استجاباته أمام خصمه، مما أثار انتقادات شديدة من الجمهوريين وحتى حلفائه في حزبه الديمقراطي. وبعدها بأسبوعين فقط، أصيب الرئيس السابق ترامب برصاصة في أذنه في محاولة اغتيال فاشلة في تجمع انتخابي في بنسلفانيا. وأخيرًا، أعلن الرئيس جو بايدن عن نيته عدم الترشح، وبدلاً من ذلك أيد نائبة الرئيس كامالا هاريس كمرشحة ديمقراطية. ورغم أن هذا لا يزال بحاجة إلى تأكيد من قبل المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي بشيكاغو في أغسطس، إلا أن أي تغييرات أخرى تبدو بعيدة الاحتمال للغاية.
حافظ دونالد ترامب على تقدم ضئيل في استطلاعات الرأي التي سبقت مناظرة السابع والعشرين من يونيو، وهو التقدم الذي أخذ في النمو بعد ذلك. وأعلن بايدن انسحابه من السباق الرئاسي يوم الأحد الحادي والعشرين من يوليو، وتشير نتائج استطلاعات الرأي المبكرة إلى أن هاريس يمكن أن تتوقع نفس مستوى الدعم الوطني تقريبًا مثل الرئيس بايدن. لا تزال نتائج استطلاعات الرأي متقاربة، ولكن مع وجود أشهر قبل الانتخابات، فهناك متسع كبير للتحرك في أي اتجاه. ومع ذلك، تمتع ترامب طوال عام 2024 بتقدم صغير ولكنه مستمر في استطلاعات الرأي على منافسيه الديمقراطيين، مما دفع بعض المحللين إلى اعتباره المرشح المفضل للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024.
حافظت الأسواق على استقرارها حتى الآن، على الرغم من الاضطرابات السياسية. واستمر المؤشران ستاندرد أند بورز 500 وداو جونز الصناعي في الارتفاع ببطء، مما دفع المحللين إلى التكهن بأن المتداولين أكثر قلقًا بشأن قرارات أسعار الفائدة للبنك الاحتياطي الفيدرالي وإعلانات أرباح الشركات. وعلى الرغم من استجابة الأسواق للأحداث الإخبارية والسياسة، إلا إن العوامل الأساسية المؤثرة في أسعار الأسهم لا تزال لها التأثير الأكبر.
تستجيب الأسواق بشكل مختلف مع كل انتخابات. فقد شهدت الدورتين الأخيرتين من الانتخابات الرئاسية الأمريكية ارتفاعات كبيرة في الأسهم الأمريكية وتقوية الدولار الأمريكي. وكانت آخر انتخابات رئاسية شهدت فيها الأسواق الأمريكية عزوف المستثمرين عن المخاطر هي انتخابات أوباما 2008. ولأن البلدان والتكنولوجيا والصناعات تتغير بمرور الوقت، فإن الأمثلة التاريخية القديمة لا يمكن الاعتماد عليها للتنبؤ بردود أفعال السوق لانتخابات 2024. ومع وضع ذلك في الاعتبار، تظهر الدراسات التاريخية للانتخابات الأمريكية أن أسواق الأسهم تميل إلى الأداء بشكل أفضل بعد فوز الجمهوريين، مع كون فوز بايدن في عام 2020 استثناءً ملحوظًا. وبافتراض استمرار هذا النمط، يمكن للمتداولين توقع تفوق الدولار الأمريكي والأسهم الأمريكية إذا فاز ترامب، في حين قد تحقق سندات الخزانة الأمريكية أو العملات الاحتياطية غير الدولارية مثل اليورو أداءً أفضل في حالة فوز هاريس.
عندما تخطئ استطلاعات الرأي، والتي لا تعتبر علمًا دقيقًا يمكن الاعتماد على نتائجه أبدًا، غالبًا ما تشهد الأسواق تقلبات متزايدة. ومثلما حدث في الانتخابات العامة في المملكة المتحدة 2024، فعندما تشير استطلاعات الرأي بوضوح إلى النتيجة قبل حدوثها، يكون هناك عادة تقلب أقل في الجلسات التي تلي الانتخابات مباشرة. ويبدو أن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 قد تكون نتائجها متقاربة، ضمن هامش الخطأ لمعظم مستطلعي الرأي، مما قد يزيد من التقلبات مع ظهور النتائج.
أحد أهم الأشياء التي يجب على متداولي عقود الفروقات مراقبتها في الفترة التي تسبق الانتخابات هو كيف تتغير استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة الفردية. حيث يعتمد النظام الرئاسي الأمريكي على المجمع الانتخابي، والذي تخصص في إطاره الأصوات للمرشحين بناءً على الولايات التي يفوزون بها. وهذا يعني أنه من الممكن الفوز بالرئاسة دون الفوز بالتصويت الشعبي الوطني. ونظرًا لأن معظم استطلاعات الرأي تتبع نوايا التصويت الشعبي الوطني، فمن المهم النظر في استطلاعات الرأي على مستوى الولاية والمستوى الوطني الأوسع للحصول على فكرة أفضل عن النتيجة المحتملة.
لا أحد يستطيع أن يؤكد كيف ستتفاعل الأسواق مع هذه الانتخابات الأمريكية. حتى الآن، وعلى الرغم من المفاجآت والأحداث الصادمة للحملة، إلا أن الأسواق الأمريكية ظلت مستقرة بحذر. وقد يتغير هذا مع اقتراب موعد الانتخابات، وستتأثر تحركات أسعار الأصول المختلفة بمناظرات سياسية محددة. وعلى الرغم من تواجد بعض الأدلة التاريخية على أن الأصول ذات المخاطر تتفوق في الأداء بعد فوز الجمهوريين، فإن تجربة انتخابات 2020 تظهر أن العكس قد يكون صحيحًا أيضًا. لذلك يجب على المتداولين النشطين في الأسواق الأمريكية أن يحرصوا على حماية أنفسهم من التحركات الحادة، ويمكن أن تشكل المناظرة الرئاسية التالية في العاشر من سبتمبر علامة فارقة. إذا ظلت نتائج استطلاعات الرأي متقاربة مع اقتراب يوم الانتخابات، فقد يواجه المتداولون تقلبات متزايدة في جميع فئات الأصول سواء تلك ذات المخاطر أو الأخرى الخالية من المخاطر.
كيف قد يتفاعل الدولار الأمريكي وسوق الأسهم إذا فاز ترامب في انتخابات 2024؟
بناءً على الاتجاهات التاريخية، إذا فاز ترامب، فقد يتوقع المتداولون ارتفاع الدولار الأمريكي والأسهم الأمريكية. ولكن على الرغم من ذلك، إلا أنه من المهم ملاحظة أن الأداء السابق لا يضمن النتائج المستقبلية، ويمكن أن يكون لكل انتخابات تأثيرات فريدة على السوق. على سبيل المثال، شهدت انتخابات 2020 ارتفاعًا في الأسهم على الرغم من فوز الديمقراطيين، وكما لا يستطيع أحد التنبؤ بنتيجة الانتخابات، فلا يمكنه أيضًا أن يؤكد تحديدًا كيف ستستجيب الأسواق.
ما هي العوامل التي يجب على المتداولين مراقبتها عن كثب مع اقتراب الانتخابات؟
يجب على المتداولين الانتباه إلى استطلاعات الرأي وحركات السوق مع اقتراب يوم الخامس من نوفمبر. فيمكن للتغييرات في استطلاعات الرأي، وخاصة في الولايات المتأرجحة، أن تعطي مؤشرًا على المرشح الذي من المرجح أن يفوز بالانتخابات. إلا أن العوامل الأساسية ستستمر في لعب دورها الحاسم في أداء سوق الأسهم.
لماذا ظلت الأسواق مستقرة نسبيًا حتى الآن على الرغم من الاضطراب في الحملة الانتخابية؟
ظلت الأسواق مستقرة نظرًا لتركيز المتداولون على العوامل الأساسية مثل قرارات أسعار الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي وأرباح الشركات. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال هناك بضعة أشهر قبل حلول موعد الانتخابات، لذلك قد تبدأ الأحداث السياسية في الانعكاس على الأسواق مع اقتراب موعد الانتخابات. وعلى الرغم من أنه لا يمكن الجزم، إلا أن على ما يبدو أن الأسواق مرتاحة إلى حد ما لفوز الديمقراطيين أو الجمهوريين، حيث لا يبدو أن المخاطر السياسية هي المحفز الرئيسي للتقلبات في 2024.