تحليل الأسواق
25 يونيو 2024
بعد حصول الحزب الفرنسي الحاكم بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون على المركز الثالث في الانتخابات الأوروبية التي جرت في يونيو 2024. وفي ليلة النتائج، اتخذ الرئيس الفرنسي خطوة غير متوقعة بحل البرلمان. وهو ما يعني أن فرنسا تستعد لجولة جديدة من الانتخابات التشريعية، حيث ستجرى الجولة الأولى في الثلاثين من يونيو والثانية في السابع من يوليو 2024. وهو ما انعكس على الأسواق بالفعل وأصابها بحالة من الاضطراب، أدت إلى عمليات بيع واسعة النطاق في الأسهم الفرنسية والضغط على اليورو. يمكن لمتداولي عقود الفروقات لدى ADSS أن يتوقعوا فرص البيع والشراء في الأسواق الفرنسية والأوروبية، حيث يبدو أن هذه الفترة غير المؤكدة ستستمر.
تختار الانتخابات التشريعية نواب الجمعية الوطنية (نواب البرلمان الفرنسي). وهم النواب المسؤولون عن اقتراح وإصدار التشريعات. وعادة ما يعين النائب من أكبر حزب وأكثره أغلبية رئيسًا للوزراء، وهو في المرتبة الثانية بعد الرئيس في النظام الفرنسي. وهذا يعني أن المتداولين النشطين في الأسهم الفرنسية، ومتداولي الفوركس عبر عقود الفروقات الذين يتعاملون باليورو، ومتداولي السندات النشطين في الأسواق الأوروبية أو الفرنسية، جميعهم بحاجة إلى تحضير أنفسهم للتقلبات.
في الوقت الحالي، تشكل مجموعة من الأحزاب الليبرالية الوسطية المتحالفة مع الرئيس ماكرون حكومة أقلية، وتعتمد على الأحزاب اليمينية واليسارية الأخرى لتمرير التشريعات الرئيسية. وقد تسبب هذا في توترات كبيرة، حيث يفرض الرئيس تشريعيات في مناسبات متعددة. ومن المتوقع أن يكون أداء الأحزاب المرتبطة بماكرون – النهضة، والحركة الديمقراطية، والآفاق – ضعيفا في الانتخابات التشريعية 2024.
حقق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف فوزًا ساحقًا في الانتخابات الأوروبية في فرنسا، ومن المتوقع أن يحقق أداءً جيدًا في الانتخابات التشريعية. وعلى مر التاريخ، كان يعتبر العمل مع هذا الحزب من المحرمات القوية وكذلك سلفه حزب الجبهة الوطنية. وينظر البعض إلى حزب التجمع الوطني على أنه ينتمي إلى اليمين المتطرف وهو مشروع ماريان لوبان المثيرة للجدل. وهذا يعني أن معظم الأحزاب ترفض العمل معهم في ائتلاف، مما شكل حاجزًا أمام التعامل مع الحزب.
وعلى مدار العقد الماضي، أصبح هذا الحاجز أضعف فأضعف بشكل متزايد، بسبب مستويات الدعم الوطني للحزب الكبيرة للغاية. وأصبح يُنظر إلى أعضاء الحزب الرئيسيين على نحو متزايد باعتبارهم أجزاء طبيعية من المشهد السياسي. وبسبب هذا الأمر انقسم حزب الجمهوريين من يمين الوسط، وهو أحد الأحزاب الحاكمة التقليدية في فرنسا، إلى قسمين حول هذه القضية بالتحديد. وأصبح يتبع نصف حزب الجمهوريين الزعيم إريك سيوتي في ائتلاف مع حزب التجمع الوطني المتطرف، بينما يرفض النصف الآخر الانضمام إليه وسيخوض الانتخابات ضدهم.
وبالنسبة للتيار اليساري الفرنسي، فتدير مجموعة كبيرة من الأحزاب اليسارية التي تطلق على نفسها اسم الجبهة الشعبية الجديدة ائتلافًا موحدًا من المرشحين. ومن المتوقع أن يأتي هذا التجمع اليساري في المركز الثاني، لكنه منقسم أيضًا بسبب الاقتتال الداخلي والمخاوف بشأن التطرف اليساري. وبشكل خاص، يعتبر أحد أحزاب الجبهة الشعبية الجديدة الرئيسية، وهو حزب فرنسا الأبية، مثيرًا للجدل. ومن المتوقع أن يأتي ائتلاف ماكرون الليبرالي في المركز الثالث.
ومن المتوقع أن تثير الحملات الانتخابية واللقاءات القوية التي تقدمها الجبهة الشعبية الجديدة أو حزب التجمع الوطني قلق الأسواق، مع عدم اتباع أي منهما للخط المؤيد لقطاع الأعمال الذي يتبناه حلفاء ماكرون. في الوقت الحالي، تتوقع استطلاعات الرأي فوز حزب التجمع الوطني، لكنه لا يرقى إلى الأغلبية المطلقة. وهذا من شأنه أن يجعل حكم فرنسا أمرًا بالغ الصعوبة، ولن يرحب به قادة الأعمال أو المتداولين. ويشير بعض المراقبين إلى أن رد فعل قطاع الأعمال على حزب الجبهة الشعبية الجديدة قد يكون أكثر حدة من حزب التجمع الوطني، ومن غير المرجح أن يؤدي أي منهما إلى تعزيز الأسواق.
لا أحد يعلم كيف سيكون رد فعل الأسواق على نتائج الانتخابات الفرنسية، أو حتى إذا كانت النتائج ستتوافق مع استطلاعات الرأي. ومهما حدث، فمن المرجح أن ينتهي الأمر بفرنسا وهي تحت حكم رئيس دولة ورئيس وزراء متعارضين سياسيًا. وهذا أمر سلبي واضح بالنسبة للأسهم الفرنسية واليورو. وتشهد سندات وأسهم الحكومة الفرنسية، وخاصة أسهم البنوك، عمليات هبوط حادة بالفعل.
وكعادة نتائج الانتخابات، فإن رد فعل السوق ليس مؤكدًا على الإطلاق. كما إن حالة عدم اليقين هذه تدفع بالفعل الأصول الفرنسية إلى منطقة تجنب المخاطر. ولذلك سوف يبحث متداولو عقود الفروقات عن كثب عن فرص بيع في فترة الانتخابات، ومعرفة ما إذا كانت مشاعر تجنب المخاطرة ستنتشر خارج فرنسا.
يبدو أن الأسواق الفرنسية مقبلة على فترة طويلة من التقلبات. وبسبب هيكل الانتخابات الفرنسي الذي يتألف من جولتين، فإن حالة عدم اليقين قد تستمر لفترة طويلة، وفي عملية الاقتراع الحالية سوف يحتاج أي حزب يصل أولا إلى تشكيل ائتلاف أوسع لحكم البلاد فعليًا. ويتمتع متداولو عقود الفروقات بوضع مثالي للتداول في الأسواق المتقلبة، وذلك بفضل سهولة فتح مراكز شراء أو بيع، ولكن التقلبات المفاجئة يمكن أن تؤدي إلى تصفية المراكز، لذلك يحتاج المتداولون إلى توخي الحذر والبقاء في حالة يقظة وترقب لما هو آت.
يتضمن مؤشر يورو ستوكس 50 (ESTOX)أكبر خمسين سهمًا من حيث القيمة السوقية من مختلف أسواق الأسهم الأوروبية المتنوعة. تعد فرنسا ثاني أكبر دولة من حيث الوزن بعد ألمانيا، لذا فإن أي تقلبات في الأسهم الفرنسية ستنعكس سريعًا هنا. قد يتطلع متداولو عقود الفروقات إلى فتح مراكز بيع، أو تداول أي تصحيحات من خلال مراكز شراء عقود الفروقات.
مؤشر كاك 40 (المؤشر الفرنسي) هو المؤشر القياسي للاقتصاد الفرنسي. ويتضمن القطاعات الهامة كالقطاع المالية والدفاع والطيران. وباعتباره مقياسًا لثقة السوق الفرنسية، فإن أي تقلبات تظهر خلال الانتخابات ستكون محسوسة هنا أولاً. ومع النظر إلى ماكرون باعتباره رئيسا مؤيدًا لقطاع الأعمال، فإن الانتخابات التي من شبه المؤكد أنها ستضعف موقفه لن يستقبلها السوق بشكل جيد على الأرجح.
تداول الانتخابية الفرنسية البسيط والفعال يكون من خلال تداول زوج اليورو / الدولار الأمريكي. ويتوقع المحللون أن يكون للمخاطر السياسية المحيطة بالانتخابات تأثيرًا كبيرًا على زوج العملات الأكثر تداولًا في العالم. لذلك يحتاج متداولو عقود الفروقات الذين يتطلعون إلى فتح مراكز يورو / دولار أمريكي إلى موازنة المخاطر السياسية للانتخابات مع أي بيانات اقتصادية معلنة لمنطقة اليورو أو الولايات المتحدة.
على ما يبدو أن فرنسا تتجه نحو فترة من الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار. وهذا لا يؤثر بالضرورة على الإمكانات الاقتصادية الأساسية للبلاد، ولكن الاضطراب السياسي يمكن أن يخيف الأسواق ويؤخر قرارات الاستثمار. لا يمانع متداولو عقود الفروقات التقلبات، لذلك بالنسبة للمتداولين الذين يركزون على فرنسا والذين يبحثون عن فرص لمراكز بيع وشراء، فإن هذه الانتخابات على جولتين تعد بالكثير من المتعة. ولكن تذكر أن الأسواق والانتخابات لا تتحرك دائمًا وفقًا لتوقعاتك، لذا عليك أن تستعد دائمًا بخطة حكيمة لإدارة المخاطر في جميع الأوقات.